الاثنين، 6 أكتوبر 2014

الأسد (ملك الغابة) وابن اوى (الحكيم) والثعلب (الماكر)


حديثنا تفرهيد وقياس. وكل واحد يفسر على كيفو ياناس.
(مسعود جبارة عن أبن المقفع بتصرف)

الأسد (ملك الغابة) وابن اوى (الحكيم) والثعلب (الماكر).

انطلق ثلاثتهم في رحلة صيد وكانت الحصيلة هامة. بقر وحشي ووعل غزال وأرنب بري. ثم اجتمع الثلاثة تحت دوحة وارفة من غابة الربيع العربي في أول يوم بعد صُدُور القرار الثوري الذي يخص تطبيق الديمقراطية في جميع أنحاء الوطن.
جلس ثلاثتهم والى جانبهم صيد ذلك اليوم لوضع الخطط والبرامج و لمناقشة الاليات العملية وكيفية وضع القرار موضع التنفيذ.
ترأس الأسد الملك الجلسة التي تهافتت لنقلها و على الهواء مباشرة كل الفضائيات العالمية، وقدم موضوع الجلسة وطرح إشكاليات الديمقراطية وتحديات التطبيق وأولها كيفية تقسيم الثروة الهائلة وتوزيع الغنائم بين الشركاء والمداخيل اليومية الجيدة التي تأتت من مناخ الوئام والحرية والأمن السائد في كل ارجاء الغابة والعمل الجماعي والتعاون للوصول إلى التوافق. ثم فتح باب النقاش والاقتراحات.
طبيعي جدا أن يطلب الكلمة الفيلسوف الحكيم ويكون أول المتدخلين فهو قوة اقتراح ومتحدث لبق ومتحذلق.
بسمل وحمدل واثنى على العهد الديمقراطي الجديد وثمّن الْقَرَار الأخير والحكمة منه. ثم استشهد بمقولة "كل حسب حاجته" للفيلسوف العبقري الألماني الشهير ديموقراطيتسون في كتابه الذي ترجمه الى العربية العلامة الفهامة احسونة الحمامة. وتنزيلا لهذه المقولة على صورة الحال اقترح أن يكون بقر الوحش، ضخم الجثة السمين، من نصيب ملك الغابة الأسد؛ وضبي الغزال لابن اوى الحكيم (فليس أولى بلحم الغزال الشهي منه) ثم ترك الارنب للثعلب الماكر.
استشاط الأُسد غضبا من ابن آوى فرفع يده ثُم هوى عليه بمخالبه ليقضي عليه في الحال في تلك الساحة الواسعة وأمام ذهول كل المشاهدين ليتطاير دمه في أرجاء المعمورة كماء النافورة. 


أرتعد الثعلب لذلك المشهد وقد بللت وجهه قطرات من دم صاحبه وقال وهو يرتجف مترددا: سيدي ملك الملوك. لقد نال صاحبنا ما يستحق لتطاوله على مبعوث العناية الإلاهية وما تأديبكم له إلا عين العدل والصواب والقصاص ومطابق لكافة المواثيق والعهود وحقوق الحيوان. واسترق النظر فرأى الأُسد قد استبشر بكلامه وتحرر من غضبه فانبسطت أسارير وجهه وذهب عنه شعور داخلي بالذنب. عندها أضاف: إني أرى في قضية الحال، والرأي لكم، أن يكون الغزال فطور الملك وبقر الوحش غداءه والأرنب عشاءه. فتلك وصفة صحية وغذاء مثالي ينصح بها كل الأطباء والسفراء المعتمدون ليقوم رأس الدولة بمهام المملكة وهو في صحة وعافية.
عندها قاطعه الأُسد منتشيا مزهوا وقال: أحسنت أيها الناصح الأمين وقد أمرنا بتكليفك بالوزارة. ومنذئذ أصبح الثعلب يقتات من فضلات الأُسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق