الخميس، 17 ديسمبر 2020

الحيلة في ترك الحيل.

 بقلم مسعود جبارة

يروى أنه كان في بلد العم سام، رجل قانون يعمل ك محام أو يقوم المقام.  قرر ذات مرة أن يتذاكى، ففكر وقدر عند اليقظة وقبل المنام.

كان صاحبنا مدخنا وعلى جميع أنواعه مدمن، فعزم واشترى علبة سيجار نادرة جدًا وباهظة الثمن، ثم قام بتأمينها تأمينا شاملا ضد الحريق وكل حوادث الزمن. 

وبعد شهر و إتمام تدخينه كامل العلبة بيده الشمال أو اليمين، رفع دعوى ضد شركة التأمين، مدعيًا أن السيجار قد تم


تدميره، "في سلسلة من الحرائق الصغيرة".

 وبطبيعة الحال نزلت الدعوى على شركة التأمين كقذيفة مدفع، فتفاجأت واستغربت واستهجنت ورفضت الدفع، بحجة أنه استهلك السيجار بالطريقة العادية، وأن المدعي لا يعدو أن يكون مختلا أومحتالا وشكواه سادية. 

رفع المحامي دعواه إلى المحكمة وفاز. إذ خلص القاضي إلى عدم وجود أي ابتزاز. وهو محق حسب بنود العقد، وعلى الشركة التعويض وتسليمه حالا النقد.  لقد وجد القاضي أن شركة التأمين مسؤولة،  و حكم بالتعويض عن الحريق- حسب صياغة البوليصة - بمبالغ مالية معقولة، لأن الشركة قد فشلت في الحد من مسؤوليتها من خلال تحديد ما يمكن أن يكون بمثابة "حرائق غير مقبولة".


التزمت الشركة بمقتضى الحكم ولم تقابله بالرفض أو الاستخفاف، وبدلاً من أن تتحمل تكاليف رفع القضية إلى الاستئناف ، فقد دفعت له من الدولارات عشرات ألآلاف.. لكنها وبعد أن أتمت الإجراءات أبلغت الشرطة. فقد أثبتت عليه عملية الحرق وصار صاحبنا في ورطة. فتم القبض عليه  وعومل بصرامة،  وأدين في 24 تهمة إحراق ممتلكات مؤمنة عمدا، وحكم عليه في كل واحدة منها بالسجن لمدد طويلة وغرامة. 

 

جاء في لامية ابن الوردي:


 أطلبُ العِلمَ ولا تكسَلْ فمـا * * * أبعـدَ الخيرَ على أهـلِ الكَسَلْ

واهـجرِ النَّومَ وحصِّلهُ فمنْ * * * يعرفِ المطلوبَ يـحقرْ ما بَذَلْ

لا تـقلْ قـد ذهبتْ أربابُهُ * * * كلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ


كــمْ شـجـاعٍ لــم يـنـلْ فيهاالمُـنـى::: وجـبــانٍ نــــالَ غــايــاتِ الأمــــلْ 

فـاتــركِ الحـيـلـةَ فـيـهــا واتَّــكِــل:::ْ إنـمـا الحيـلـةُ فــي تـــركِ الـحِـيَـلْ 

أيُّ كــفٍّ لــمْ تـنـلْ مـنـهـا الـمُـنـى ::: فـرمــاهــا اللهُ مـــنـــهُ بـالـشَّــلَــلْ 


م.ج. 15/12/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق