السبت، 16 يناير 2010

مــصطـــاف بــبلد مـصـــطــفى

بقلم: مســــعود جبــــارة
جويلية-2009

(1) مؤتمر
احتضنت عاصمة الإمبراطوريات اسطنبول، المؤتمر التاسع عشر لمجلس الإفتاء الأوروبي بحثا لما استجد من قضايا و دراسة ما يوجد لها في الإسلام من حلول، تحت سامي اشراف الرئيس التركي عبد الله غول. انعقد المؤتمر في رابع الحرم شهر رجب، وافتُتح بكلمة أمام المؤتمرين نيابة عن طيب رجب، رئيس وزراء تركيا المنتخب، كلمة ترحيبة نارية قال عنها الشيخ القرضاوي انها حماسية، و لا عجب.



(2) سفينة
بينما كنا نرحل عن الأناضول و نترك وراءنا الجزء الأسياوي من تركيا و أمتدادته في القارة الأوسع على وجه البسيطة على ظهر سفينتنا السياحية كانت سفينة "روح الإنسانية" لكسر الحصار على غزة تنطلق من ميناء جزيرة قبرص الصغيرة.
في نفس الوقت الذي كنا نؤم الجانب الأوروبي و ما يرمز اليه من فضاء للحرية و الديمقراطية، للرفاه و رغد العيش للإنسان و حتى للحيوان، كانت "روح الإنسانية" تطلب شواطيء فلسطين، آخر أرض محتلة على وجه الأرض، حيث غزة المحاصرة، و أين يتكدس مليون و نصف من البشر في نقطة لا تكاد ترى على الخريطة، يجوَّعون من العدو و الصديق، على مرأى و مسمع من العالم كله، البعيد و القريب.
كنا نتبع خط الطول شمال جنوب في مضيق البسفور و الدردانيل و كذلك فعلت سفينة "روح الإنسانية".
انطلقت تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط بأقصى سرعة، تسابق الزمن بل تسابق العدو الذي يردِّد إنذاراته و تهديداته بالقصف و الإغراق بينما كانت سفينتنا السياحية تبحر بين مواني القارتين, تتبختر و تتهادى بين ضفة و أخرى، لتهدي للمسافرين فرصة الإستمتاع بأجمل المناظر الطبيعية الخلابة.
كانت "روح الإنسانية" محملة بما جادت به أنفس الخيرين من كل جنس ومن كل دين، لكن ركابها من نشطاء غزة الحرة أصبحوا يتوجسون و يترقبون إذ يعلمون أن وراءهم ظالم يأخذ كل سفينة غصبا، بينما كان الركاب هنا يترشفون الشاي أو القهوة التركية و يتبادلون الكامرات لأخذ الصور مع هذا المعْلم التاريخي أو ذاك.

(3) إنقاذ
لاحظ ركاب سفينتنا غريقا ترفعه الأمواج ثم ترمي به الى أسفل. إقتربنا منه أكثر فإذا برجل كان كلما طفا فوق الماء رفع عقيرته بالصياح طلبا للنجدة حتى اجتمعت حوله ثلاث سفن و تم إنقاذه من الهلاك.
بينما كان الركاب هناك يتحدُّون أوامر القراصنة الصهاينة رغم اشهار السلاح و التهديد بالذخيرة الحية و الزوارق الحربية السريعة في مهمة إنسانية نادرة هذه الأيام تضامنا مع غزة ثم يقعون رهائن و مساجين لدى العدو فمن لإنقاذهم و متى إنقاذ كل فلسطين و الفلسطيين الغرقى في الخلافات؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق