السبت، 9 يناير 2010

وقع المقال أم وجع النعال

مقـــــــــــــــــامة بقلم: مسعود جبارة
أكتوبر 2009

حدثني منتصر بن يزيد قال: كان يسوسنا إمام فاجر، فكلنا أمامه مزجور و كُـلٌّ وراءه زاجر. عرَّض عِرضنا للمفاضح، و أعْرض عن نصاحة الناصح، رفض كل عَـرض، و هتك كل عِـرض. فك الألغاز و العقد، و ردَّ كل منتقد. فتسلط و تجبر، حتى زعم أنه الربُّ الأكبر.

قلت له: و هل كنت توالي ذاك الوالي؟
قال: أنا من تربة قديمة، ذات تاريخ و قيمة. أنا من قبائل مقيمة، تعيش هنا عيشة كريمة، تفلح الأرض و ترعى البهيمة. فلا تسألني عن ذلك اللجاج، فقد عرفنا قبله الحجاج. فعل مثل فعله، فقتل مع بغله. لجأ الى جحر بالمدينة، فذبح يوم الزينة.
حتى رمتنا الأقدار، بقوم أقذار، جاءوا من وراء البحار، يركبون البخار. فما منا إلا حائر أو محتار، أيقاتلهم أم يقاتل شعب الله المختار. ليست لهم شيمة، ولا سيرة مستقيمة. رمونا بسجن أبوغريب، و أذاقونا ألوانا من التعذيب. أتـَوا بالوفود، ليستقبلوا بالورود، و ليمتصُّـوا الوقود.
فنهضتُ لرد الكرامة، أبغي الشرف و السلامة، لأمَّـة العُرْب، من ذُل المعتدين الغُرْب، أفرِّج الكرب، عن ضحايا الحرب. فكرت في الفداء و أن ألتحق بالشهداء. لقد تأثرت، فثُـرت، لِمَا رأيت من الأشلاء، و من تعاون العملاء. لم أجد لي من وسيلة، فآثرت الحيلة. صوَّبت زوج الحذاء، و رميت به رأس الأعداء. غير أني أزعجتهم و لم أعجزهم، فشنُّـوا عليَّ الهجوم، حتى تلألأت في وضح النهار النجوم. أَحكـَموا شد الوثاق، و استجوبوا كل الرفاق.

قلت: يا منتصر، أمنتحِـر؟، أم أنت حُـر؟،....و تبشِّـر بالمهدي المنتظر!
إنك رميتَ الشاشة إذ رمَـيْـت، و المعتدين دون قصد حمَـيْـت، إذْ حُرِمْنا من صحفي ينقل الصوَر، فأُصِيب فهْمُـنا بالعور. و الآن و قد فعلت الذي فعلت، و نالك ما نلت، ثم خرجت بعد ترتيب، و لك من الدنيا نصيب. ها قد لبثت في السجن بضع سنين، و عدت بخُـفَّيْ حنين، فهل أنت نادم، و ما أنت فاعل في القادم؟
لم يرُقـْهُ السؤال، حتى إنه اليَّ مال، قطّـب جبينه و قال: و ما فعلت أنت، سوى العبارات المهذبة، و الاستعارات المستعذبة، و المقامات الموشحة، بالأساجيع المستملحة؟
مرت برهة، و ذهني في سرحة، نكست رأسي، و سكبت كأسي. جررت أذيالي، على خيبة إذلالي. حدثتني النفس الأمارة: ما لي و الإمارة، فمحرابي أحرى بي، و أسمالي أسمى لي. حتى أني هممت أن أترك المدينة، و كل أسباب الزينة. قبل أن أعود الى رشدي و أوَدِّع سهدي. فنهرتها: أن صَـفِّي، و أنـْصِفي، فالعمل بالنيّة، ولا تخشي المنيّة. فاستجمعت بأسي، و استعدت رباطة جأشي.

قلت يا مهجة يزيد، عن المنهج لا تزيد، و عن الكلام المفيد لا تحيد، فلكل مقام مقال، و وقعه أحدُّ و أشدُّ من وجع النعال.
و إني عقدت العزم، بكامل الحزم، إن عبَّرتُ حبَّرتُ، و متى إخترعتُ خرَّعتُ. و إنه من أوجز أعجز، أما إذا أسهب فقد أذهب. ثم إني أعرف جيدا مقداري، لن أعزف و لن أداري. سأصبُّ عليهم نار الغضب، وعلى كل من وقف مع أبي لهب. سأكتب و لن أكذب. زلفى الى رب الأرباب. سأشرح الأسباب، لكل الأحباب، و لكل من هب و دب. سأفصح و أفضح و لن أصفح. لن أخشى غنيًّا، و لن أجامل غبيًّا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق